رف من الحياة

الرواية في وجه الظلاميين

                     الرواية في وجه الظلاميين 

                      محمد القيسي





لم يكن الأدب غافلاً عن رصد مظاهر التطرف الذي أدى إلى التكفير والإرهاب. والرواية بشكل خاص رصدت هذه المظاهر وقدمت نماذج عديدة منها، كما أن السينما والمسرح تناولا في بعض الأعمال الرائدة هذه الظاهرة الخطرة على الأفراد والمجتمع، وعلى الدول ومؤسساتها عامة. الناقد الدكتور جابر عصفور تناول في كتابه «مواجهة الإرهاب» العديد من الروايات العربية، من البدايات حتى أواخر القرن العشرين، مستعرضاً في قراءاته النقدية أهم النماذج والشخوص التي عبرت عن موقف ظلامي متطرف، أو قدمت نماذج حديثة تدعو للحرية والتسامح والتقدم. وفي «مفتتح» كتابه يقول: «صدمتني – كما صدمت الكثيرين من أمثالي- أحداث الإرهاب التي تمسحت، زوراً وبهتاناً، بالدين الإسلامي الحنيف منذ السبعينيات، ودفعتني إلى الاهتمام البحثي بمجالات الإرهاب وأسبابه، فضلا عن جذوره وتجلياته، في تراثنا العربي القديم أو عالمنا الحديث والمعاصر».

ويتناول المؤلف عدداً من الكتاب، لكنه يتوقف عند رائد الرواية العربية الحديثة قائلا: «كان نجيب محفوظ أول من حاول الكشف عن العقليات المتشددة في تأويلاتها الدينية، مسلطاً الضوء عليها من حيث هي مولِّدات للقمع الديني، على امتداد أعماله التي ترجع أوائلها إلى ما قبل ظهور أحداث الإرهاب المتصاعدة منذ السبعينيات». وأشار إلى رواية «الزلزال» للكاتب الجزائري الطاهر وطار «التي نشرها في بيروت سنة 1974، فكانت إرهاصاً بتصاعد أفعال الإرهاب المتمسحة بالدين، كما كانت كشفاً عن العقليات المولدة للإرهاب والمبررة له في الوقت نفسه»، لافتاً إلى قصة «اقتلها» للكاتب المصري يوسف إدريس التي نشرها في جريدة «الأهرام» قبل شهرين من اغتيال الرئيس السادات. ورواية فتحي غانم «الأفيال» التي صدرت أيضاً قبل الاغتيال بقليل. ويتطرق الكاتب إلى بعض أعمال التلفزيون والمسرح والسينما التي شكلت إضافات إبداعية لها وزنها لمواجهة الدراما التلفزيونية في موضوع الإرهاب الديني، مبيناً أن هذه الأعمال الإبداعية في مواجهة الإرهاب أكدت أن المخاطر نابعة من التطرف الديني ودعاته. ونوه بفيلم «الإرهابي» الذي كتبه لينين الرملي، متخذاً من اغتيال فرج فودة منطلقاً للدراما السينمائية في مواجهة الإرهاب، كما أن محاولة اغتيال نجيب محفوظ كانت من أخطر جرائم الإرهاب الرامية إلى اغتيال كل عقل مستنير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مواضيعنا الجديدة

هكذا يبدو (الحكير)

بات من الضروري جذب الشباب للانخراط في المهن المختلفة كون المستقبل للفئة العاملة المهنية المؤهلة على استيعاب مقومات التقنية و أدواتها، فجميع...