رف من الحياة

الديك التركي بين سكين أمريكا و الزعامة المزعومة

أمريكا تؤدب رجلها فى تركيا لتجاوز حدود دوره

سر الانهيار السريع للاقتصاد التركى مع التصعيد الأمريكى يشير إلى رفع غطاء الحماية عن نظام "العدالة والتنمية"

واشنطن رعت "الديك التركي" على مدار 16 عامًا من تدخل الجيش مقابل لعب أدوار سرية له

باركت أمريكا صعود أردوغان ودفعت جولن للتحالف معه لكنه تجاوز حدود اللعبة القديمة

الأخبار والتحليلات الاقتصادية القادمة من تركيا، تشير إلى أزمة كبيرة تتعرض لها هذا البلد، تتمثل فى انخفاض حاد فى العملة «الليرة»، بدرجة يمكن أن توصف بأنها فى حالة «انهيار»، مما يهدد الاقتصاد التركى كله ويعرضه للإفلاس خاصة فى ظل حجم الديون الخارجية الضخم على تركيا والذى يصل إلى 450 مليار دولار، منه ما يزيد على مائة مليار دولار عاجلة السداد، مما يعنى أنه فى حال استمرار التدهور الضخم فى سعر العملة، سيعجز الاقتصاد التركى على المواجهة.

وبعيدا عن التحليلات الاقتصادية لسبب الانهيار الكبير الذى يتعرض له الاقتصاد التركى، فإن الأمر المهم يتمثل فى أنه الموقف الأمريكى ضد نظام أردوغان (الحليف)، جاء بمثابة رفع غطاء الحماية له، وهو يفسر سر الانهيار السريع، رغم ما يراه خبراء المال والاقتصاد بأنه بسبب سياسة حزب العدالة والتنمية الذى يقوده أردوغان، أثقلت الاقتصاد بالديون التى تجاوز حدود الخطر، ووجود حالة عداء مع غالبية النظم العربية، ودول الاتحاد الأوروبى، ويضاف إليها أيضا سياسات الفساد المتهم بها أردوغان، خاصة بعد تعيينه صهره فى منصب وزير المالية وسيطرته على قرارات البنك المركزى التركى، إلا أن الجانب السياسى المهم فى الأزمة التركية الحالية، هى علاقتها بأمريكا، وهى الجانب الأبرز فيما يحدث فى تركيا الآن.

لكن يبدو أن موقف التصعيد الأمريكى، ضد نظام أردوغان، زاد من وضع تركيا الاقتصادى، خاصة أن العلاقة بين أردوغان وتركيا على عكس ما هو معلن، فهى علاقة ممتدة عبر سنوات عديدة سبقت وصول أردوغان وحزب العدالة والتنمية للحكم بسنوات، ظلت أمريكا وأجهزتها هى الحامى والموجهة لأية تحرك داخلى ضد أردوغان.

والقصة بين أردوغان وأمريكا بدأ فصولها منذ أن كان يعمل عمدة لمدينة إسطنبول، منذ صعود حزب الفضيلة الإسلامى للحكم فى منتصف التسعينيات من القرن العشرين، كما تشير كتابات تركية، أبرزها ما ذكره الكاتب والصحفى التركى «نصوح جنجور»، فى كتاب «أطياف الحركات الإسلامية»، والذى يكشف عن تفاصيل العلاقة القديمة بين أردوغان والأجهزة الأمريكية، وذلك منذ أن كان أردوغان أحد تلاميذ نجم الدين أربكان، رئيس حزب الرفاة والذى حدث تدخل من الجيش ضده فى أواخر القرن الماضى، وتم حل حزبه وسجنه.

لكن مع بداية عام 2001، مهدت أمريكا الطريق لأردوغان، لأن يحل زعيمًا جديدًا لتركيا، بعد أن ضغطت على الجيش التركى، ليسمح لأردوغان بتأسيس حزب سياسى مع المجموعة التى انشقت عن أربكان، وخلال عام واحد فقط تمكن أردوغان من الوصول للحكم فى تركيا، بعد أن رعت أمريكا التحالف بينه وبين رجلها «فتح الله جولن»، زعيم جماعة الخدمة، والذى كان يعيش فى «منفى اختيارى» فى أمريكا،.

وتمكنت المخابرات الأمريكية، من جمع تحالف بين «أردوغان» و«جولن»، مما مكن حزب العدالة من الفوز فى أول انتخابات يخوضها فى عام 2002، بل دعمت المؤسسات الإعلامية المملوكة والموالية له، وفِى صدارتها صحيفة «توداى زمان وقناة «سما-8».

ونجد أن اتهامات أردوغان بأنه رجل أمريكا فى تركيا، لم تقتصر فقط على الكتاب والمحللين أن نجم الدين أربكان (الزعيم الروحى لأردوغان قال فى حديث تليفزيونى له قبل وفاته)، «إن جورج بوش هو من دعم تأسيس حزب العدالة والتنمية.. وأزال من طريقه كل المعوقات الدستورية والقانونية.. وحماه من سطوة الجيش أثناء صعوده للسلطة، بعد اقتناع «أردوغان» بفكرة إدماج دولة إسرائيل فى مشروع الشرق الأوسط الكبير».

ونجد أن ما حدث مع الاحتضان الأمريكى لأردوغان، كانت يسير عبر الاستراتيجية الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر، للعمل على وجود حلفاء من الشرق، خاصة من لهم توجهات إسلامية، ونجد أن أردوغان نجح فى سنوات حكمه الأولى، فى أن يؤدى الدور المطلوب منه لواشنطن، سواء فى فتح علاقات مع الأكراد، أو مساهمته فى الغزو الأمريكى للعراق فى عام 2003، عبر استخدام الأراضى العراقية للانطلاق نحو الشمال العراقى، وأيضا سماح تركيا بتسليح الأكراد فى العراق.

وأمام الخدمات التى كان يقدمها أردوغان لأمريكا، كان يحصل على دعم أكبر، سواء فى مواجهاته وصداماته مع دول الاتحاد الأوروبى أو روسيا، أو حمايته من تدخل الجيش التركى، ومع تفجر ثورات الربيع العربى، كانت الإدارة الأمريكية فى عهد أوباما تعتمد على أردوغان فى أنه يلعب دور المرشد للتنظيمات الإسلامية التى تصل للحكم وأن يكون ضابط الاتصال بينها وبين أمريكا وإسرائيل.

ولكن مع الانتكاسة التى تعرض لها خلفاء أردوغان فى بلدان الربيع العربى خاصة بعد ثورة 30 يونيو فى مصر وتراجع المشروع الإخوانى سواء فى مصر أو تونس وليبيا، وأخيرا سوريا، لم يدرك أردوغان أن هناك تغييرًا أيضا فى الاستراتيجية الأمريكية، خاصة مع تغيير فى إدارة على رأسها ترامب، وربما نسى الدور المرسوم له، وبدأ يسعى أن يلعب دورا بشكل مختلف ولكنه هذه المرة بدأ يتقرب أكثر مع روسيا وإيران، ويزداد الصدام بينه وبين أمريكا، خاصة فى دعمها لأكراد سوريا وقوات سوريا الديمقراطية التى حظيت بدعم أمريكا فى شمال شرق سوريا.

ولم يكتف أردوغان بأن يلعب دورا على عكس التوجهات الأمريكية، فعمد أن يغير الخريطة السياسية فى تركيا، عبر سعيه للسيطرة على الجيش وتغيير الدستور، وذلك بعد استغلاله محاولة الانقلاب الفاشلة ضده فى منتصف عام 2016، والتى يبدو أنها كانت مجرد «قرصة أذن» لأردوغان من أمريكا التى لم تبارك محاولة الانقلاب الفاشلة، على أمل أن أردوغان سيعتبر مما حدث ويتراجع.

لكن حدث العكس أردوغان تقرب أكثر من روسيا وبدأ يتوهم نفسه أن زعيم الشرق بتحالفه مع إيران، وبدأ يحتك بالقوات الأمريكية المتواجدة فى شرق سوريا، ونسى الدور الذى رسمته له أمريكا، فى مقابل تصعيده للحكم وحمايته من الجيش.

لكن أردوغان تمادى فى تصعيده مع أمريكا (جاحد نعمة)، وبدأ يتعامل معها بأسلوب يظهر منه أنه ندًا وليس تابعًا، فنجد أنه فى تعامله مع قضية فتح الله جولن والذى يعيش فى أمريكا ويحصل على رعايتها سعى أن يضغط على الإدارة الأمريكية عن طريق اعتقال قس أمريكى أندرو برونسون، ورهن الإفراج عنه مقابل تسليم أمريكا زعيم جماعة الخدمة الأمريكية، لذلك جاء الرد الأمريكى عليه بصورة لم يتوقعها ولم يتحملها الاقتصاد التركى المهتز، خاصة أنها تعد مؤشرًا بأن أمريكا رفعت يد الحماية عن نظام أردوغان، مما يهدد وجوده، خاصة أنه بعد فتح بلاده أمام تحالفات مشبوهة مع تنظيمات إرهابية، ولم يضع فى اعتباره العلاقة الخاصة التى تجمع أمريكا مع الجيش التركى (الأكثر عددا فى قوات الناتو)، والذى لم يتحرك ضد نظام أردوغان رغم تخطيه دور الجيش وعمله على تغيير هوية تركيا التى اعتمدها كمال أتاتورك فى علاقتها بالغرب، لذلك ستكون السيناريوهات القادمة أمام أردوغان، إما العودة للدور الذى رسم له من أمريكا، والعمل على التراجع بشكل يحفظ ماء وجهه، أو أن يستمر فى التصعيد بعد أن أصابته أوهام الزعامة، لكن فى هذه الحالة سيكون ظهره عاريًا من أية رعاية أو حماية أمريكية من التحركات فى الداخل ضده

تسييس الحج و حجة التسييس

فشلت ايران  فشلا ذريعاً طوال السنوات الماضية حين حاولت تسيس فريضة الحج إمتدادا لسلسلة محاولاتها البائسة في توسيع مشروعها العدواني ضد بلاد الحرمين خاصة و الخليج العربي عامة

والآن تكرر قطر مرة أخرى بجهل شديد، محاولة تسييس الحج، الفريضة المقدسة التي لا ينبغي أبداً المساس بقدسيتها أو استخدامها بسوء نية في مماحكات سياسية مكشوفة للجميع، تدين من يمارسها أمام العالم الإسلامي كله.

وبالتأكيد، سيكون مصير هذه المحاولة الفشل أيضاً، فالكل يعلم حجم ما تقدمه بلادنا  المملكة العربية السعودية من خدمات جليلة للإسلام، خاصة فيما يتعلق بشعائر الحج. فهي تفتح أبوابها للملايين سنوياً من زوار بيت الله الحرام، وتضع مواردها لخدمتهم، سواء كانت البشرية أو المادية، بالإضافة إلى أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا، من أجل ضمان راحتهم وأدائهم الشعائر المقدسة بكل يسر وأمان.

لذلك، حين تأتي قطر وتحاول أن تصور للعالم  وكأن المملكة العربية السعودية تقف أمام أداء القطريين والمقيمين على أراضيها، الفريضة المقدسة، فهي بالتأكيد كذبة مكشوفة ومفضوحة، تأتي في إطار سياسات «نظام الحمدين» الفجة والمقتبسة من المشروع الايراني التخريبي و التي يواصل ممارستها بصلف ووقاحة، لإثارة زوبعة تلو الأخرى في محاولة للتغطية على فشله وإحباطه وتخبطه.

وفي هذا الشأن تحديداً، فإن أكبر الخاسرين هو هذا النظام الحاكم في قطر الذي يفضح نفسه، وكذلك القطريون الذين يرغبون في أداء الفريضة،و  يحول بينهم وبينها عبث سياسي وهزلي صبياني برعاية إيرانية عبر نظام مدعم  بإستجابته لمثل هذه المؤامرات سنوات طويلة

مواضيعنا الجديدة

هكذا يبدو (الحكير)

بات من الضروري جذب الشباب للانخراط في المهن المختلفة كون المستقبل للفئة العاملة المهنية المؤهلة على استيعاب مقومات التقنية و أدواتها، فجميع...