رف من الحياة

أحمد يحي القيسي يتفرد برتابة الفوضى

الشاعر كائنٌ نزقٌ، ولا يمكن أن يُرَتب هواجسه، ولا فوضاه، بل يزدادُ ارتباكاً عبر الزمن ويترامى في جسد القصيدةِ ملتاعاً ومغلولاً بخطاياه التي تسكنه أكثر مما ترتضيه، كلنا نتوجع لحال الشعراء.ولكننا نتباركُ بها ، فكل نصِّ شعري مختطفٌ من عليين هو في الحقيقةِ- مرآة مواربة تتفردُ بملامحنا المنسية، كل من لا يعرف ذاته يتكشَّف عندما يهيمُ بقصيدةٍ ما، أو يستمع لقول شعري، من هنا تكمن حساسية المتلقي ومن هنا تتجدد فوضى الشاعر أيضاً. لذلكَ أراد الشاعر أحمد القيسي عبر ديوانه (أرتب فوضى سكوني) أن يشي لنا ولذاته أولاً أن لحظة الفوضى عصيَّة على الروح وحميمة في آن، كل هذا التضاد لا يعني أنه مصادمة بين الذات والواقع، بل هو نبش وتجريد لحالاتٍ تتباين وتختبئ أيضاً، أرواحٌ شريرة تعبث بالكائن وأرواحٌ طيبة تعبث به كذلك، كل هذا العبث الذي يتوغل في الجسد ما هو إلا حياة ثانية بل أكثر تمرُّ بالشاعر تحديداً عبر أطيافٍ مرتبكة وإحساسٍ غريب ومخيلة فادحة، ولذلك أصبح الشاعرُ شاعراً، وتمايز عن غيره، وقد تبدو هذه الإحالة في نص (محطة):’ستشعر بتضاريس الفراغ الوعرة وستشم ذات ضجر لحظاته وما هي إلا محطاتك للعبور إليك’وفي نص (خربشات) :’ستفتش عنك أيها الغريب وتسأل:بأي الرياح تماهيت؟وتمضي على أقدام السؤال مهاجرا تتنكر لك الأرصفة/ وتتبرأ منك المسافات’بين النصين لا توجد مسافة فاصلة، هنالكَ حالة ملتبسة وزمن متشابه وأفعالٌ حائرة، كما لا يغيب الحِسُّ الدفين الذي يبني طقوساً في الذات، كما يهدمُ طقوساً أخرى سادتْ وبادتْ، وسيظل الرهانُ دوماً على الحراك والمتغير الذي نغفر له سوءة الأمل ونتحايل على أنفسنا كي نُجرَّب ونمارس ونتمـــــــاهى أيضاً. وفي نص (خربشات):’الرغبات تفر من بين أصابعي ومن كل الجهات التي أتوسطها الآن لا طعم لها أو لون أو رائحة كي أسند إليها هذا الملل’هذا نص مازوخي يلوي عنق الكلمات، ويستبدُّ بالمعنى، ولكنه في النهاية يأتي على سابقه من فراغ وعتمة حدَّ الضياع الذي يعلكُ قلب الشاعر. وفي نص(ميراث الذكرى):’ساعتها .. أعتصر الأيام دمعةهي إرثي من الذكرى وآخر ما تبقى من الأغنيات’هنا وقفة لا يمكن أن تستمر، ولا تتسمَّر، هذه الحالة الغامضة التي يشوبها الحزن إما أن يكون شاعرها متفائلاً لدرجة الخيبة أو خائبا لدرجة الانتحار ونسيان أن هنالكَ ضوءٌ ينفجر في عين الكونِ ذاتَ يأس . فما تجدي الذكرى إلا لم نكن مرتهنين لواقعٍ جديد أو غدٍ مخاتلٍ يمضي للهرب من زنزانة الفراغ ويرتبنا بعيداً عن الفوضى التي يمارسها القدر كما يمارس أحمد القيسي في كلماته. ربما أراد الشاعر أن يستفزنا بالفوضى وادِّعائه رتابة السكون على صدر الكلمات، فمرورٌ سريعٌ كهذا تكفيه الإشارة والتلويح إلى مستوى العزلة الكونية والإحساس بغبش الذكريات وذبول العادة وصرامة الوقت، يبدو ذلكَ في معجمه اللفظي الذي احتشدتْ به النصوص حيث تعددت كلمات مثل (الفراغ/الانتظار/التضاريس/الزمن /الذات/الدمعة /الملامح/الساعة/الغياب) ناهيك عن مرادفاتها وقد لا تغيب هذه المفردات عن باقي الشعراء أيضاً، فالجملة الشعرية لا تخلو من الخيبة والحزن عادة، ولكنها أيضاً- لا تخلو من (اللذة/الأمل/النرجسية/الميثولوجيا/الفحش/الغد/النبوءات) ولكنها غابتْ لدى أحمد، غابت كنص، وربما حضرتْ في عباراتٍ ما كانتْ مسحوقة تحت وطأة الملل أو معزولة وراء النص، إنني أتلقى النص ككتلة والديوان كروح واللحظة كشارةِ البدء والغواية كالسحاب والذات كالثرثرة. معظم النصوص تبدأ بجملة اسمية وهي تمثل ذروة العنفوان الشعري بينما النصوص التي تبدأ بجمل فعلية فإنها تتدرج إلى أن تصل المنتهى أو القمة، وهذه يقظة بال لدى الشاعر، لم يكن طوعاً للبنى اللفظية ولا منسياً في التخييل لدرجة التوهان، كانَ حاضراً في نصه رغم التعب، هنالك تعمية وانطفاءة وملل في بعض المقطوعاتِ ربما أرادها حَكَماً على ذاته، وسقفاً لتحولاته النفسية، الــ (ربما) هذه تفتح لنا سجالاتٍ نقديةٍ لا تنتهي، كما تفرض علينا كمتلقين أن نخضع في كهفِ التأويل ولا نلوذ بغير الكلمات بينما هنالك إيحاء وتداعيات يمكن استشفافها ومشافهتها وصناعة حوارية معها على أكثر من مستوي وأكثر من بعد، ولذلك يقول أحمد القيسي في نص (تحرر):’في كل اتجاهٍ يخدعني سراب الأبواب’…. فقط، نظرة ناعسة ونصف ابتسامة تكفي لاحتلالك تماما’هكذا يتحرر، وهكذا ينكفئ في قيده أيضاً، جميل جداً أن تراوح ذاتك لحظة الكتابة وتستعيدُ معمار المشيئات الخارجة عنك بأناملَ مخملية، كأنك لا تريد شيئاً منك، كأنك لا تريد التألق والتفاني أمام لحظتك المنكتبة على أوراق الياسمين، لذلك كله يكتب أحمد القيسي في مقاطع كثيرة ويستخدم (التسويف) هذه الــ (سوف) أيضا تشكل مفصلاً مهماً في تجربة الشاعر تزيدُ من فوضاه وتجعله بعيداً رغم اقترابِ أناهُ. في نصه النثري يمكن الرهان على المعنى المتداول في جميع النصوص ولا أعني بذلك التكرار ن ولكن من حق الشاعر أن يُقلَّبَ معانيه حدَّ الاحتراق، وأن ينسجم معها حدَّ الغياب، ولكن بعض النصوص جاءت سردية أكثر من اللازم مثل نص (هذيان الساعة الواحدة صبــــــــاحا) و(حرية أم جنون .. تلك التي تبوح للمرآة) و(ارتداد .. من حديث المرايا) ولهذا تركها الشاعر في مؤخرة كتابه ربما ليشي لنا أنه ضدَّ التجنيس، ولكنه مع التجانس الإبداعي، وقد نغفر له كل الفوضى عندما يعترف في آخر جميلةٍ شعرية تركها في ديوانه منذورة للعنات وفاتحة للأمل، إذ يقول ‘… ربما ستتسلل إليَّ المسرَّة’ رغم أني أكره سين التسويف يا أحمد إلا أنك توبخنا أكثر مما يجب بما عندما تُحيلنا إليك بنبرةٍ متناهية، وكأنك تهربُ منا، من قرَّاءٍ يضعون التمائم على ياقة القصيدةِ كي لا تبوح إلا للشعراء، فمن لا يهذي في حضرة الشاعر لن تغسله الأزمنة بالجراحات ولن تتكـــــــثفَ على رئتيه خمرة الندامى.

أسامة الأمير .. ومضة في عتمات المسافة

الظلام الدامس في وحشة التيه يبعث الصمت ولا يدور ببالك أن تنطق أو تتفوه بكلمة حتى أن التسبيح والإستغفار و دعاء الله كل هذا تهمس به أنفاسك و تنطقه رئتك حتى يبعث الله نوره فأول ومضة تنطقك لتقول " الحمدلله "  كذلك أرى نفسي كمحب لمنطقتي و ما يميزها و يحسن صورتها رياضيا وأنا أبحث عن آمال صعود جديدة ولا أسمع إلا إنتقالات من حطين و تخبطات إدارية وإفلاس مالي و عملي لكن ومض الحارس الموهوب و الذي لعب لناشئي الأهلي بالإعارة وأولمبي المنتخب السعودي إبن عشرين عاما و عامين هو ومضة في عتمات المسافة إنه اسامه عبدالرحمن محمد الامير الذي ولد من رحم فريق صاروخ أبوعريش وصنع نجوميته، لن أتحدث عنه فنيا ولن أذكر عن أسامة إلا حين طلبت منه نبذة عن نفسه وأجابني : كرة القدم لا تهتم بالسير ولا النبذات لكي تعرف اللاعب تابعه في الميدان .
أسامة الأمير شاب قضى سبعا عجافا في مواجهة تقلبات نادي حطين و إشغال مكانه بسابقيه الأقربين لعقلية الجهاز الفني لكنه يتميز بروحه الرياضية المرنة داخل الملعب وخارج عالم الكرة أيضا .
و برغم كل هذه المستجدات الهائجة في حرم حطين إلا أنه لا يجحد من المعروف وخزة دبوس فهو يتطرق لشكر الله أولا ثم الكابتن علي عمير الذي ساهم في تقوية أركان التألق .

غدا حطين يواجه الفتح في جازان في مسابقة كأس ولي العهد و أسامة الأمير حامي عرينه أطيب الأمنيات لحطين بصورة عامة ولأسامة الأمير خاصة.

المهاجرون من جازان

منطقة جازان من المناطق التي تغذي الأندية وغالبا أندية الوسطى كالشباب والنصر وأيضا للغربية نصيب يفوق باقي الأندية ومن خلالها تتزود المنتخبات بالمواهب الجازانية  في كرة القدم مثل: الهزازي والمجرشي والكعبي والنجعي وعطيف والدغريري والمدخلي وغيرهم، ولكن بداية هؤلاء اللاعبين -غالباً- لا تكون من أندية المنطقة، فهي أندية ستة مترامية الأطراف : التهامي، حطين، الصواري، بيش، الأمجاد واليرموك؛ لأن هذه الأندية ينقصها المال و العقليات الناضجة إداريا وفنيا، كما أن بُعد المسافة بين محافظات المنطقة يجعل اللاعبين يتجهون إلى المدن الأخرى مثل الرياض ومكة المكرمة وجدة والدمام للانضمام إلى الأندية التي تتيح لهم الفرصة في تنمية مواهبهم، فضلاً عن قربها من مكان السكن والمواصلات ناهيك عن تبلد بعض الأشخاص المتجمدة في إدارة الأندية والتمسك بالمناصب الفعالة و إخمادها طمعا في النفوذ الرياضي و الوجاهة الإجتماعية التي ضللت بعجلة التنمية الرياضية إقليميا و محليا
أما بعد المسافات وشح الموارد المالية في قلة عدد الأندية، مقارنة بعدد سكانها الذي يقارب المليوني نسمة، حيث تخلو معظم المحافظات من الأندية، ففي محافظتي العارضة والحرث لا يوجد أي نادٍ، وكذلك في القطاع الجبلي حيث محافظتي فيفا والريث، والحال نفسه ينطبق على محافظة ضمد شرق المنطقة، لذا نأمل من المسؤولين في الاتحاد السعودي لكرة القدم زيادة عدد الأندية، وإنشاء أكاديمية رياضية تهتم بالمواهب، وإنشاء ملاعب في الأحياء، والاهتمام بالبطولات المدرسية، وقبل ذلك كله ينبغي على رجال الأعمال دعم أندية المنطقة والإكتفاء بتواجدهم كأعضاء شرف حتى لا تتعارض طموحاتنا مع مصالحهم و لنا في حطين و التهامي عبرة يا أولي الأموال .

برأيي حق مشروع لهم فهذه مبررات واقعة للمهاجرين من أبناء جازان من المنطقة إلى مناطق أخرى و هم على صواب فهم لا حول و لا قوة لهم و كأنهم يرددون ما قاله سماحه الشاعر السيد عطيف:

جازان إنا على الأبواب هل وصلت
فيك المواصيل أن نعلو فتجفينا

رضيتي أهلا فلن نغدو ملائكة
وإن غضبتي فلن نغدو شياطينا

عروض مغرية وبأقساط ميسرة

بعد أن عرف رئيس نادي حطين نقاط الضعف في نادي حطين مع رؤساء النادي السابقين وتعرف على نطاق القوة التي تجعل من النادي إسما يسطع في سماء الرياضة السعودية حتى ظهر نجوم المنطقة في رياض المنتخب لدرجة الناشئين والشباب وصعود الفريق الأول للدرجة الأولى ووصافة الناشئين لدوري الممتاز قبل عقد من الزمن  تقريبا وتحقيق لقب الهداف في نفس العام للاعب الخلوق وزميل الدراسة وصديق الذكريات المرحوم بإذن الله يحي شنيمري.
فإستمرارا في الإتجاه نحو الأفق أنشأ الأستاذ فيصل مدخلي أستادا رياضيا أنيقا يليق بنجومية أبناء حطين ويحقق آمال أبناء المنطقة من مشجعي ومعجبي كرة القدم فوقف الجميع لتحية هذا الرجل الذي قدم الكثير للرياضة في المنطقة.
ولا أحد ينكر فضل الأستاذ فيصل على خدمة الرياضة وتقديم بوادر الإبداع والتقدم لشباب المنطقة ولكننا بدأنا نرى الإنتكاسة المباغتة لهذا النادي بعد أن قدم الفريق بفئاته السنية مستويات متدنية في العام الماضي فقد بدأت مؤشرات الإدارة تنساق نحو مصلحة عناصر معينة في النادي بحجة الإحتراف.
ومعرفتي ببعض الشباب هناك في النادي علمت بها أن الأمور الفنية هناك تسير نحو الأسوأ بعد محاولة إستقالة الأستاذ: عبدالعزيز الخثلان و الذي عرف بعقليته الفذة مذ كان مدربا للناشئين في العام الذي حقق فيها الفريق وصافة الممتاز ووصول الشباب لدرجة الممتاز على يد ناشئي حطين للجيل نفسه فقد كان الأستاذ فيصل يسعى لإستقطاب العناصر الفنية التي لها القدرة على صنع المستحيل لرفع سمعة رياضتنا وبعد أن إنتقل يحي دغريري إلى الإتحاد بصفقة مفاجئة بدأت تتغير ملامح التقدم خصوصا أن هناك صفقة سرية أجريت قبل أيام قليلة حسمت لصالح الإتحاد بإنتقال لاعبين آخرين وأخشى أن يكون الأخ فيصل يظن بأنه وصل لطموحات المنطقة والنادي رياضيا بعد أن فرط في مثل هذه العناصر المؤثرة وإن كان يرى الإحتراف مبررا لهذا فلماذا رفض صفقات أخرى من أندية عريقة لنفس اللاعبين وبعروض مالية تفوق عروض نادي الإتحاد أم أن نادي حطين أصبح أكاديمية لإعداد ناشئي المنطقة وتجهيزهم للإتحاد ليتحول رئيس نادي حطين مندوب مبيعات لعقد صفقات سرية مع نادي الإتحاد.

رشفة : الطريقة التي يسلكها مجلس إدارة نادي حطين الآن هي نفس الطريقة التي أرغمت نجوم جازان على العزوف عن أندية المنطقة قبل عشرة أعوام وأكثر حتى وإن كان المقابل مئات الملايين فخدمة المنطقة فوق كل الملايين يا تجار حطين.

بقلم : محمد مساوى القيسي

الديموقراطية الرياضية تجذب كاتب الرأي عبدالسلام اليمني


اختفى الرياضيون بالفطرة والفزعة، كما لم يعد بالإمكان القبول بثقافة إدارة الحواري والأحواش، التي سيطر عليها فترة من الزمن طوال القامة، والممتلئة أذرعتهم وصدورهم وأرجلهم بعضلات الردع والسيطرة. الملاعب على رغم بساطتها كانت تدار بأساليب دكتاتورية.
تغلغلت رأسمالية الإدارة والإغراء والأرباح والبريق لمفاصل الرياضة في العالم، فهب الأثرياء والباحثون عن الشهرة، للسيطرة على أماكن متعة الغالبية من الفقراء والطبقة الوسطى، وكان لا بد من السباق على بناء المنشآت الضخمة، وشق قنوات التدفقات النقدية. النجومية لم تعد جاذبيتها في إنكار الذات والتضحية المدفونة بالعواطف، أمام بريق العقود المالية. اغتسل الرياضيون من الولاءات الضيقة وعواطف مسقط الرأس وهزات المشاعر الفطرية الميولية.
احتفى الساسة حول العالم بنجوم وأبطال الرياضة، وحلت بهم الغيرة، وهم يشاهدون ويسمعون هتافات الجماهير، وصور ورسائل الإعجاب تطوق أعناق اللاعبين في أرجاء المعمورة، وفشل السياسيون عندما أرادوا الجمع بين الفتنتين، ومنح الرياضيون أنفسهم حق ممارسة الديموقراطية، فنصبوا الصناديق الحرة، وذاق المؤسسون وبال أمرها. يتذوق الرياضيون في السعودية النكهة والطعم والثقافة الديموقراطية، ورياح التغيير جاءت هذه المرة بارتفاع اضطراري (وليس هبوطاً)، وفق استحقاق دولي، بعد أن عاشت الرياضة العربية، والخليجية على وجه الخصوص حقبة التزكية والقرارات الأحادية التي دجنت خطط التطوير والمشاركة في دائرة صوت واحد وصور مكررة.
يتنفس الرياضيون السعوديون الصعداء، وهم يشاهدون 63 من أعضاء الجمعية العمومية للاتحاد السعودي لكرة القدم، يحملون أوراقاً بيضاء وأقلاماً ملونة، لاختيار رئيس اتحاد اللعبة الرياضية الأشهر على مستوى العالم، في خطوة متأخرة جداً عن الذين سبقونا، ومتقدمة في محاولة الانفتاح للحاق بالركب، وإصلاح اعوجاج أصاب مفاصل الرياضة، وأوصلها إلى حال العجز، وهو ما حدا بالجيل الجديد إلى هجرة أماكن المتعة في بلادنا إلى ساحات وملاعب التنافس العالمية التي بُنيت على أسس الخبرة والمعرفة والتخصص، وصناعة التنظيم والإنشاء، والعدالة والإبهار المعرفي.
المشهد الانتخابي الرياضي يوم الخميس 20 ديسمبر (كانون الأول) 2012، على رغم القصور في عدد أعضاء جمعية المنتخِبين، والمتنافسين على رئاسة الاتحاد، إلا أنه يُمثل نافذة ديموقراطية ربما تبعث الأمل في تفكيك دائرة الفوضي الجدلية التي أفرزت التناقض السلبي، وخطاب إعلامي مرهون لانتماء متعصب أذاق الأمرّين للروح الرياضية، وجعلها أمنية إصلاحية نرقب أبطالها وصانعيها.
ابتعاد الرئيس العام لرعاية الشباب وهيكلها ومسؤوليها، عن مفاصل الأعمال التنفيذية للاتحادات الرياضية، وضع المؤسسة الراعية للشباب والرياضة في موقعها الصحيح، قائمة للتركيز على التخطيط الاستراتيجي، وإصدار التشريعات وتوفير الدعم المادي والمعنوي، وتوجيه الفكر والجهود لتطوير البنية الأساسية، للنهوض بالرياضة والمناشط الشبابية.
تابعت بعض البرامج والتعليقات التي تتحدث عن الأجدر بالتصويت بـ«نعم» لرئاسة الاتحاد السعودي لكرة القدم، وبدأنا أولى عتبات ممارسة حرية الرأي والاختيار، على رغم أنها بين مرشحين اثنين لا ثالث لهما.. ولكن تلك خطوة على الطريق الصحيح، نرجو أن تتبعها خطوات أكثر نضجاً وعمقاً وانفتاحاً في مجلس الشورى ومؤسسات المجتمع المدني الأخرى.
المرشحان للرئاسة أحمد عيد وخالد المعمر، استمعنا إلى برنامجيهما الانتخابي، ولأننا نعيش حالاً ديموقراطية، وحرية القول والاختيار وإبداء الرأي، أقول إن أحمد عيد تفوق على منافسه خالد المعمر منذ حديثه الأول لبرنامج «في المرمى» عبر قناة «العربية»، الذي عبّر فيه عن قناعته بفكر العمل الجماعي، ومما قاله: «إن التاريخ يشفع لمن قَدّم شرف التضحيات للوطن، والخبرة والانتماء هي التي تشفع للإنسان أمام حرية الاختيار، وأنه سيُطوع خبرته ليحملها مجموعة من الشباب سيعملون معه لديهم الحيوية والرغبة للتخطيط للمستقبل».
وأضاف عيد: «سأعمل لا لأحقق ما أريد، بل ما تريده الرياضة السعودية»، وحدد محاور خطة عمله المستقبلية التنظيمية والمالية والفنية، وأن الفكر ومحبة الناس هو الذي يُسيّر حملته الانتخابية وليس المال.
وكان الفيصل في حديث ورؤية وتوجه أحمد عيد، عند سؤاله عن إعلان اختيار الأمين العام للاتحاد مثلما فعل منافسه خالد المعمر الذي اختار طارق التويجري أميناً عاماً في حال فوزه بالرئاسة؛ فقال أحمد عيد: «إنه لن يختار الأمين العام بقرار انفرادي، وبعد انتخابه وتشكيل مجلس إدارة الاتحاد سيطرح هذا الموضوع على مجلس الإدارة، فالقرار ليس انفرادياً، ولكنه نتيجة لمداولات وعمل جماعي».
نِعْم الرأي والتوجه، ولو كنت مخولاً بالتصويت، لمنحت صوتي من دون تردد لأحمد عيد لرؤيته الديموقراطية ورفضه للقرارات الفردية المسبقة، ولأن عملية الانتخاب، يسعى من خلالها المنتخبون أن يقدموا لكرسي الرئاسة من يسمع لممثليهم ويناقشهم ويحترم آراءهم في الصغيرة قبل الكبيرة، وأحمد عيد قدم لهم فاكهته الديموقراطية بروح رياضية عالية، فانتخبوه، لأن من حمى مرمى المنتحب حارس مرمى وأبدع، يستطيع بفكره الديموقراطي أن يحمي الجمعية العمومية واتحاد كرة القدم بإرادة الله، ثم بالخبرة التي اكتسبها سنين طويلة.

صدامات ثقافية أم ثقافة تصادم؟!

الحراك الثقافي في كل بقاع الأرض ذو صدامات ثقافية تصنف حسب توجهات تياراتها مهما تعددت الأغراض لكن ومن الملاحظ أن حراكات المجتمع السعودي التي ينتج عنها التصادم الثقافي حراكات عقيمة لا تسمن ولا تغني من جوع فهناك فوارق دقيقة الملامح بين الصدام والتصادم فهما مختلفان من حيث النتاج الفكري فالصدام يثمر إحترام رأي الآخرين فيحفظ للشخص رأيه مع تعارضاته الفكرية حتى أن يقتبس منه الإيجابيات والسلبيات أما التصادم فهو مشهد يدمر فيه الرأي أشباهه من الأفكار و ينتج عنه تنبؤات إجتماعية تحكمها إجتهادات فردية و تصورات عاجلة الحلول بطيئة في تكيفها الحضاري كما يبدو من وجهة نظري و وجهة نظر متتبعي حراكات المجتمع السعودي و ثقافته.
فقيادة المرأة للسيارة مثال نقي ظل عالقا في بلعوم التوصيات التي أوصت بها الدولة تاركة القضية سبب في صدامات المجتمع حتى تزرع مهارة الحوار بين مؤيد مندفع وبين معارض متشدد ولكن حدث ما لا علاقة له بالثقافة وأقصد التصادم فالمعارضون يرون أن في هذا تغرير من أجل علمنة المجتمع و المؤيدون يرون معارضيهم خلف أسوار التشدد والغلو فزاد البلاء بلاء ومزج الحابل بالنابل وانتشر مبدأ الشخصنة و عنصرة التوجهات في مواقف عديدة حتى أصبحت المسألة تتلاشى عن مسرح إعلام المجتمع وبقيت إهتمام التشخيص تحت سطوة شخصنة التهم حتى وقف المجتمع حائرا أمام كم هائل من خزعبلات الثقافة.
وتستمر معاناة الثقافة في بلادنا كونها تتعرض لمدخلات حضارية وعصرية مع غياب حصانتها الفكرية التي أعدمت ركائز الوطن المساهمة في مخرجات جيل نافع لا يتأثر بالسلبيات التي تفرزها ثقافة العصر كما أنها تنهل إيجابياتها كما نهلها المجتمع الغربي من حراكاته وصداماته الثقافية إلا أن ميداننا الثقافي مازال صدامه حول المجتمع الغربي وبين صائب وخاطئ وكان هذا سبب كافي لإنشغال مجتمعنا عن معمعة الثقافة والإهتمام بالمجتمع الغربي لا بثقافته والإقتباس من محفزاتها التي تصنع من اللاشيئ عنفوانا عصريا وأسطورة حضارية حتى نلمس تغيرات يستفيد منها المجتمع على أرض الواقع بعيدا عن التظاهر بأقنعة الثقافة التي لها أهداف خفية تصب لمصلحة شخصية و محدودة يسعى لها أي طرف من الأطراف دون أن نتطاول على توجهات الآخرين و دون إستغراق فترة زمنية أطول من فترة زمن القضية الإفتراضي.

مواضيعنا الجديدة

هكذا يبدو (الحكير)

بات من الضروري جذب الشباب للانخراط في المهن المختلفة كون المستقبل للفئة العاملة المهنية المؤهلة على استيعاب مقومات التقنية و أدواتها، فجميع...