رف من الحياة

تخاون قطر و قطر التعاون

لم يحالف الصواب من اعتقد أننا كخليجيين نفرح أو نتمنى أو نطمح للإضرار بقطر الشقيقة وليست الشَّقِّيقة ونحن في الأشهر الحرم وما أمرنا الله سبحانه به هو أمر واحد فقط لا غير (… فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ …).

فقطر تظلم نفسها إذا ما اختارت «التخاون» بدل التعاون الذي احتضنها ستة وثلاثين عاما في مجلس التعاونً، فلا ينبغي لقطر أن تهون عليها سنوات العشرة الحسنة تلك ولا تهوِّن من قدرها.

فالرهان على حضن التيارات أو التنظيمات أو الحركات التي تصر على تسييس الإسلام أو احتضانها يعني ضياع قطر الوطن وخطفها، كما فعلت تلك التيارات التي تطرفت بالإسلام إلى أقصى درجات اليمين المتطرف في الأصل.

هذه التيارات «الإسلاموية» التي خطفت الإسلام ذاته أليس خطف الأوطان ومقدراتها أهون عليها، لأنها ترى نفسها هي الإسلام، وأما غيرها فهم «أغيار» لا يمتون إلى هذا الدين الحنيف بصلة، هكذا في باطن عقولهم، وكذلك في ظاهر تصرفاتهم وقد فضحتهم موجات «الربيع العربي» المفارقة لكل معنى للوطنية في دولة أو مجتمع آمن في سربه ضامن في رزقه مطمئن إلى ربه.

هناك حقيقة لا بد من أن يفطن إليها النظام في قطر، أن حاضنة هذه التيارات عبارة عن «أعشاش للدبابير» وليست مكاناً لاستمرار العيش فيه أو معه.

فالوطن في عقلية أصحاب الأفكار المنحرفة بالدين ليس سوى وثن يعبد من دون الله، والحدود المرسومة بين الدول ليست إلا من صنيع الاستعمار، ولذا عندما عبر عناصر «داعش» الحدود العراقية السورية أول عمل قاموا به هو هدم تلك الحدود لأنهم يؤمنون بالمطلق، وإن كان من صفات الرب وحده.

لا نرغب لقطر أن تضع مقدراتها ومكتسباتها الوطنية بيد فئة ترى لنفسها الحق ولغيرها الباطل من بين يديه ومن خلفه، فهذا الفكر الإقصائي لا يضع للآخر نصيباً فيه ولا منه، فقد تربوا على طريقة «الميت بين يدي المغسل»، فالسمع والطاعة للقيادة من خارج الأوطان هو شرط استدامتهم على منهج يخالف كل البشر وليس المسلمين فقط.

هذا دأب الفكر المعوج والبصيرة القاصرة عن إدراك النسبية في الكون كله وليس في وطن بعينه، فتماهي قطر على هذه الأفكار في إيواء أصحابها يضر بها أكثر من الإضرار بأشقائها الذين أدركوا تلك الحقائق الساطعة عن هذه الجماعات ولو اختلفت مسمياتها أو تلبست لبوس الإسلام بهتاناً وزوراً.

لماذا تصر قطر على اتباع تعليمات وتوجيهات هذه التيارات التي تتمسح بالإسلام في تصرفاتها والإسلام الحنيف لا يقر لهم بذاك كما في ليلى العراق، وإن كان الكل يطلب ودها، إلا أنها خيبت ظنون محبيها وقت الحاجة الفعلية للفزعة والعزوة.

قطر اليوم على مفترق طريق ومشجعوها على الاستمرار في هذا النهج يودي بقطر، بمشاريعها التي يجب أن تستميت من أجلها وليس أن تضحي بها لأجل عيون من يرغبون فقء عيونها من حيث تشعر أو لا تشعر، فالنتيجة هي هدم الدولة الوطنية حصان الرهان الباقي لدى العرب قاطبة وليس قطر وحدها في هذه المعركة المصيرية من أجل البقاء للأفضل والعمل للمستقبل.

قطر وقعت في فخ فكر أهوج خلط أوراق بعض الدول التي غزاها على الأرض ظاناً بأنه ينفذ أوامر السماء التي جعلته حكراً عليه.

ولا نريد لقطر أن تكون «الضحية» التالية لهذه الجماعات التي ذهبت بعيدة في التطرف، وكانت قبل عقود تقدم نفسها للمغررين بها على أساس الاعتدال، وجاء «الربيع» الغادر لكي يظهر البواطن والسرائر إلى العلن ويترك لنا خيار الحكمة والاقتدار على الخروج من هذه المحن المتواليات والمتتاليات.

قطر لا زالت على بر الأمان، فلا داعي أن تغرق نفسها في قاع محيطات الأفكار المنحرفة عن جادة الصواب، فمن ضحى بالوطن هان عليه الدين، فلا يغتر بطيب العيش مع هؤلاء إنسان.

قطر الوطن أهم من هذا الفخ المرتهن، فحصان هذا الفكر الضال ليس حصانة لقطر ولا لغيرها من الدول، فالخيار أصبح واضحاً فبالتعاون ترتقي وبـ«التخاون» تهوي في سحيق الوادي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مواضيعنا الجديدة

هكذا يبدو (الحكير)

بات من الضروري جذب الشباب للانخراط في المهن المختلفة كون المستقبل للفئة العاملة المهنية المؤهلة على استيعاب مقومات التقنية و أدواتها، فجميع...